وإنما قال من قال ، لقلّة علمه بكلام العرب ، فالعرب تذكر أشياء جملة ثم تخصّ شيئا منها بالتسمية تنبيها على فضل فيه ، كقوله : «وجبريل وميكال» ؛ فمن قال : ليسا من الملائكة كفر ، ومن قال : ثمر النّخل والرّمان ليس من الفاكهة جهل. قوله تعالى : (فِيهِنَ) يعني في الجنان الأربع (خَيْراتٌ) يعني الحور. وقرأ معاذ القارئ ، وعاصم الجحدري ، وأبو نهيك : «خيرات» بتشديد الياء. قال اللغويون : أصله «خيّرات» بالتشديد ، فخفّف ، كما قيل : هيّن وهين ، وليّن ولين.
(١٣٨٧) وروت أمّ سلمة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال «خيرات الأخلاق حسان الوجوه».
قوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ) قد بيّنّا في سورة الدّخان (١) معنى الحور.
وفي المقصورات قولان : أحدهما : المحبوسات في الحجال ، قاله ابن عباس ، وهو مذهب الحسن ، وأبي العالية ، والقرظيّ ، والضّحّاك ، وأبي صالح. والثاني : المقصورات الطّرف على أزواجهنّ ، فلا يرفعن طرفا إلى غيرهم ، قاله الرّبيع. وعن مجاهد كالقولين. والأول أصحّ ، فإنّ العرب تقول : امرأة مقصورة وقصيرة وقصورة : إذا كانت ملازمة خدرها ، قال كثير :
لعمري لقد حبّبت كلّ قصيرة |
|
إليّ ، وما تدري بذاك القصائر |
عنيت قصيرات الحجال ، ولم أرد |
|
قصار الخطى ، شرّ النّساء البحاتر |
وبعضهم ينشده : قصورة ، وقصورات ؛ والبحاتر : القصار.
وفي «الخيام» قولان : أحدهما : أنها البيوت. والثاني : خيام تضاف إلى القصور.
(١٣٨٨) وقد روى البخاريّ ومسلم في الصّحيحين من حديث أبي موسى عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّ للمؤمن في الجنّة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوّفة ، طولها في السماء ستّون ميلا ، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن ، فلا يرى بعضهم بعضا».
وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وابن مسعود وابن عباس : الخيام : درّ مجوّف. وقال ابن عباس : الخيمة لؤلؤة واحدة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب.
قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ) ، وقرأ عثمان بن عفّان ، وعاصم الجحدري ، وابن محيصن : «على رفارف» جمع غير مصروف. وقرأ الضّحّاك ، وأبو العالية ، وأبو عمران الجوني مثلهم ، إلّا أنهم
____________________________________
(١٣٨٧) ضعيف. أخرجه الطبري ٣٣١٧٢ والواحدي في «الوسيط» ٤ / ٢٢٩ من طريقين عن عمرو بن هاشم عن سليمان بن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة ، وإسناده ضعيف لضعف سليمان. أم الحسن اسمها خيرة. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١١٨ ـ ١١٩ وأعلّه بسليمان بن أبي كريمة ، فقال : ضعفه ابن عدي ، وأبو حاتم.
(١٣٨٨) صحيح. أخرجه البخاري ٤٨٧٩ والبغوي في «شرح السنة» ٤٢٧٥ عن محمد بن المثنى به. وأخرجه مسلم ٢٨٣٨ ح ٢٤ والترمذي ٢٥٢٨ وأحمد ٤ / ٤١١ وابن حبان ٧٣٩٥ من طرق عن عبد العزيز بن عبد الصمد به. وأخرجه البخاري ٣٢٤٣ ومسلم ٣٨٢٨ وأحمد ٤ / ٤٠٠ و ٤١٩ والدارمي ٢ / ٣٣٦ وأبو الشيخ في «العظمة» ٦٠٦ والواحدي في «الوسيط» ٤ / ٢٢٩ والبيهقي في «البعث» ٣٠٣ من طرق عن أبي عمران الجوني به.
__________________
(١) الدخان : ٥٤.