أي ومن فيض قدرته ـ سبحانه ـ ومن تدبير حكمته ، أنه جعل الليل لباسا ، أي ساترا ، يستر الكائنات ، كما يستر الثوب الجسد ، ويرخى على الأحياء سترا يمسك حواسها المنطلقة أثناء النهار ، ليعطيها فرصتها من الراحة والسكون ، وليتيح للقوى المندسة فى كيان الإنسان ، من مدركات ـ وعواطف ، ومشاعر ـ أن تنطلق ، لتجد وجودها كاملا ، وبهذا يحدث التوازن بين كل القوى المتزاوجة فى الإنسان .. بين جسده وروحه ، بين مادياته ومعنوياته ، بين حركته وسكونه ، بين يقظته ونومه ..
قوله تعالى :
(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً)
المعاش : الحياة .. وسميت الحياة معاشا باسم سببها ، وهو العيش الذي لا حياة لحىّ إلا بما يتبلغ به من طعام ..
أي ومن قدرة الله سبحانه ، ومن فيض فضله ورحمته ، أن جعل النهار مبصرا ، ليرى الأحياء فيه مواقع معاشهم ، ووسائل كسبهم ..
قوله تعالى :
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً)
السبع الشداد ، السموات السبع .. ووصف السموات بأنها شداد ، إشارة إلى ما يبدو لنا من قيامها سقفا مرفوعا فوقنا ، دون أن تسقط علينا ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) (٦ : ق) وقوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٤٧ : الذاريات)