الواو هنا للحال ، أي من شاء منكم أن يستقيم ، فليطلب الاستقامة ، وليرد مواردها ، وليأخذ بالأسباب إليها .. ثم إن مشيئتكم تلك مرتهنة بمشيئة الله العامة الشاملة ، التي كل مشيئة منطوية تحتها ، دائرة فى فلكها ..
فالإنسان ـ وإن كانت له مشيئة ـ ليس بالذي يستقلّ بمشيئته عن مشيئة الله ، فهو إذ يشاء شيئا ، وإذ يمضى هذا الشيء ، فإنما ذلك من مشيئة الله فيه .. وهذا ليس بالذي يدعو الإنسان إلى أن يعطل مشيئته ، منتظرا مشيئة الله فيه ، لأنه لا يعلم ما مشيئة الله فيه .. بل إن عليه أن يعمل مشيئته ، كما يعمل جوارحه جميعها ، فإذا وافقت مشيئته مشيئة الله ، مضت ونفذت ، وإن خالفت مشيئة الله لم تمض ، ولم تنفذ ، ومضت مشيئة الله! هذا هو المطلوب من العبد .. فإن أعطى مشيئته ما ينبغى أن يقدّمه بين يديها من بحث ـ ونظر، وعقل ـ جاءت مشيئته قائمة على طريق الحق ، مثمرة له أطيب الثمر ، تماما ، كما إذا أيقظ حواسه ، وعمل بها فى المحسوسات ، كان له من معطياتها ما يصله بالحياة وصلا وثيقا ، ويقيمه على طريقها دون أن يتعثر ، أو يضلّ!
* * *