وهو هذا القول الذي تلقاه النبي من جبريل .. فلقد رأى النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ القرآن الكريم بالأفق المبين ، العالي الواضح ، فى معراجه إلى الملأ الأعلى ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (١٨ : النجم) فالقرآن هو بعض ما رأى النبي الكريم فى معراجه .. حيث كان القرآن قد نزل إلى السماء الدنيا ليلة القدر ، كما يذهب إلى ذلك أكثر العلماء فى تفسير قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)
قوله تعالى :
(وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)
أي وليس النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بالذي يضن بأنباء الغيب التي يتلقاها من ربه ، فيما تحمل إليه آيات الله من أحداث يوم القيامة ، وغيرها ، مما جاء فى القرآن الكريم ، وإنما هو رسول من عند الله ، ومطلوب منه أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (٦٧ : المائدة)
فالمراد بالغيب هنا ، هو القرآن الكريم ، وآياته التي حملت إلى النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كثيرا من أنباء الغيب ، من قصص وغيره ، كما يقول سبحانه : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) (٤٩ : هود)
وقرىء : بضنين ، بظنين ، أي بمتهم .. أي ليس النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بمتهم فيما يبلغ من آيات ربه.
قوله تعالى :
(وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ)؟