فى ظاهر الأمر ـ أن يسأل الجاني لا المجنى عليه ـ فى هذا تشنيع على الجاني ومواجهة له بالجريمة التي أجرمها ، ووضعها بين يديه ، ليرى تلك الجناية الغليظة المنكرة ، وليسمع من قتيلته التي ظنّ أنه سوّى حسابه معها ، ليسمع منطقها الذي يأخذ بتلابيبه ، ويملأ قلبه فزعا ورعبا ..
أرأيت إلى قتيل يظهر على مسرح القضاء ، هذ وقاتله فى موقف المحاكمة؟ ثم أرأيت إلى هذا القتيل ، وهو يروى للقاضى : لم قتل؟ وكيف قتل؟ ثم أرأيت إلى القاتل ، وقد أذهله الموقف ، فخرس لسانه ، وارتعدت فرائصه ، وانهار كيانه؟ ذلك بعض من هذا المشهد الذي يكون بين الموءودة ووائدها يوم القيامة!.
وقوله تعالى :
(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ).
أي صحف الأعمال ، حيث يقرأ كل إنسان ما سجل فى كتابه المسطور بين يديه ..
قوله تعالى :
(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) ..
وكشط السماء ، هو زوال هذه الصورة التي تبدو منها لنا فى الدنيا ، وكأنها سقف سميك ، فتبدو السماء حينئذ ، وكأنها قد أزيلت من مكانها ، فكانت أبوابا مفتحة تنطلق فيها الأرواح إلى ما شاء الله من علوّ ، دون أن تصطدم بشىء يردّها ..
قوله تعالى :
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ. وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ).