وتعطيل العشار ، وهى النوق الحوامل ، هو إلقاء ما فى بطونها من أجنة ، ثم عدم تعرضها للحمل ، حيث يصرفها الهول عن الاستجابة لداعى الغريزة الطبيعية فيها ..
يقول الإمام القرطبي : «إن تعطيل العشار تمثيل لشدة الكرب ، وإلا فلا عشار ولا تعطيل» ..
ونقول : إن هذا وإن كشف عن حال الشدة والكرب فى هذا الوقت ، فإنه لا يمنع من أن تكون هناك العشار ، وأن يكون تعطيلها عن الحمل .. فهذا خبر جاء به القرآن ، ولا بد أن يقع على ما جاء به.
وحشر الوحوش : هو جمع بعضها إلى بعض ، وسوقها إلى أكنانها ، حيث يدفعها البلاء إلى الفرار ، وطلب النجاة مما تراه من أحداث القيامة ، فترتدّ عن مسارحها مسرعة إلى حيث ما تظن عنده الاختفاء من الخطر المحدق بها ، فتجىء من كل وجه ، ويلوذ بعضها ببعض ، حيث يذهب الهول بكل ما فيها من نوازع الشر والعدوان.
أما ما يقال من حشر الوحوش بمعنى بعثها ، وسوقها إلى الحساب والجزاء ، كما يفعل بالناس ، فذلك ما لا يقوم عليه دليل من كتاب الله ، حيث أن الدنيا هى دار ابتلاء وتكليف للإنسان وحده من بين سائر المخلوقات التي على الأرض ، وأن هذه البهائم لم تكلف بشىء ، ولم تدع ألى شىء ، وإنما هى مما خلق الله سبحانه للإنسان ، لينتفع بها ، أو ليبتلى بالضار منها ، كما فى النبات أو الجماد من نافع وضار ..
ويقول الإمام محمد عبده : «وحشر الوحوش ، إما جمعها لاستيلاء الرعب عليها ، وخروجها من أجحارها وأوكارها ، ونسيانها ما كانت تخافه ، فتفر منه .. فتحشر هائمة ، لا يخشى بعضها بعضا ، ولا يخشى جميعها سطوة الإنسان .. وقيل حشر الوحوش هلاكها ..»