هناك إذن ثلاثة مواقف للعلماء من هذا الحديث ، حديث السحر ..
موقف من يردّه ، ويأبى التسليم به ، تنزيها لمقام النبوة ، وتأكيدا لعصمة النبي ..
وموقف من ينصر هذا الحديث ، ويحاول تخريجه على ما يحفظ للنبوة مقامها ، ويبقى على النبي عصمته ..
وموقف من تجنب الخوض فى هذه المعركة ، مهاجما أو مدافعا ، فلم يعرض لهذا الحديث بإشارة من قريب أو من بعيد ..
وإنى إذ أسأل نفسى أىّ موقف من هذه المواقف أنحاز إليه ، وآخذ مكانى فيه ، ما دمت قد أقحمت نفسى فى زمرة العلماء الدارسين لكتاب الله ـ لأجدنى محمولا حملا لا شعوريا على التوقف فى هذا الحديث ، ثم على تركه وعدم الأخذ به .. وذلك لأمور :
أولهما : أنه ليس حديثا يروى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ يريد به أمرا من أوامر الدين ، أو نهيا من نواهيه ، أو يبغى به نصحا أو إرشادا مما يتصل بالشريعة وأحكامها وآدابها ..
فهذا الحديث ـ إن صح ـ لا يعدو أن يكون خبرا عن حال من أحوال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، الخاصة به ، والتي لا يطلع عليها غير خاصة أهله كالسيدة عائشة رضى الله عنها .. فهذا الحديث ـ إن صح ـ لم يرد إلا عن السيدة عائشة ، وهذا يعنى أن هذا العارض الذي عرض للنبى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لم يكن له أي أثر خارج بيت الرسول ، وخارج صلته بالسيدة عائشة بالذات ، والتي قيل إن رسول الله حبس عنها ستة أشهر ، وفى بعض الروايات سنة .. ولو كان هذا العارض الذي عرض للنبىّ ذا أثر فى غير هذه