وقوله تعالى :
(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ)
والحسد ، فى الأعمّ الأغلب هو الدافع إلى كل عداوة ، الموقد لكل فتنة ، المغرى بالكذب والافتراء على الناس ، لحلّ عقد الوئام والوفاق بينهم ، ولنزع هذه البسمة التي تعلو الشفاه بين المتحابّين ، ولإطفاء إشراقة البشاشة والرضا التي تفيض من وجوه أهل النعمة والرضا ..
فالحسد ـ وهو ما يجده الحاسد فى قلبه ضيق وحسرة ، حين يرى فى يد أحد خيرا ليس فى يده ، ثم لا يهدأ له بال ، ولا تستريح له نفس ، حتى يغرب وجه هذا الخير ـ هو داء يغتال كل معانى الإنسانية فى الإنسان ، فيصبح عداوة متحركة فى الناس ، ترميهم برجوم من العداوة والبغضاء ، وتنفث فيهم سموم الحقد والضغينة ، حتى يميت أو يموت.
كالنار تأكل نفسها |
|
إن لم تجد ما تأكله .. |
والحسد ـ وليس غيره ـ هو الذي أغرى أهل الكتاب ـ وخاصة اليهود ـ بهذا الموقف الضال الآثم ، من رسالة رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وكتمانهم الحق عن علم بأنه رسول الله ، وأنه الذي يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل ، كما يقول سبحانه وتعالى فيهم : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٧١ : آل عمران) ويقول سبحانه وتعالى عنهم : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٤٦ : البقرة) ويقول جل شأنه فيهم أيضا : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ