«أما بعد ، فلا تخوضوا فى القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تكلّموا فيه بغير علم ، فقد سمعت جدّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» وإن الله قد فسر سبحانه الصمد ، فقال : (لَمْ يَلِدْ ، وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ..
وقوله تعالى :
(لَمْ يَلِدْ ، وَلَمْ يُولَدْ).
أي أنه سبحانه منزه عن أن يكون له ولد ، لأن الولد يدلّ على والد ، والوالد هو مولود لوالد. وهكذا فى سلسلة لا تنتهى. ثم إن الولد يماثل الوالد ، وقد يفوقه ، ويربى عليه ، فى قوته ، وعلمه ..
يقول الإمام الطبرسي فى معنى «لم يلد» : أي لم يخرج منه شىء كثيف ، كالولد ، ولا سائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ، ولا شىء لطيف كالنّفس ، ولا تنبعث منه البدوات ، كالسّنة والنوم ، والخطرة والغم ، والحزن والبهجة ، والضحك والبكاء ، والخوف والرجاء ، والرغبة والسآمة ، والجوع والشّبع ، تعالى أن يخرج منه شىء ، وأن يتولد منه شىء .. كثيف أو لطيف».
وفى قوله تعالى : (وَلَمْ يُولَدْ) يقول الطبرسي أيضا : «أي ولم يتولد هو من شىء ، ولم يخرج من شىء ، كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها ، كالشىء من الشيء ، والدابة ، والنبات من النبات ، والماء من الينابيع ، والثمار من الأشجار .. ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها ، كالبصر من العين ، والسمع من الأذن ، والشم من الأنف ، والذوق من الفم ، والكلام من اللسان ، والمعرفة والتمييز من القلب ، والنار من الحجر .. لا ، بل هو الله «الصمد» الذي لا من شىء ، ولا فى شىء ، ولا على شىء .. مبدع الأشياء وخالقها ، ومنشىء