وأموالهم .. إنها طاقة من النور السماوي ، فى وسط هذا الظلام الكثيف ، يرى المؤمنون على ضوئها وجه المستقبل المشرق ، الذي وعدهم الله فيه بالنصر ، والفتح!
وقوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً).
والتسبيح أولا ، لأنه المطلوب فى مقام الشكر ، على هذه النعمة العظيمة ، بالنصر والفتح .. ثم الاستغفار ثانيا ، مما وقع من تقصير فى حق الله على مسيرة الجهاد ، حتى جاء يوم النصر ، والفتح ..
فعلى مسيرة الجهاد ، وفى أوقات الشدة والضيق ، وفى مواقع الهزيمة ، وفقد الأحباب والأعزاء ، تتغير مواقف المجاهدين ، وتحوم حول مشاعرهم خواطر تهز إيمانهم ، على درجات مختلفة ، حسب ما فى النفوس من إيمان ، وما فى القلوب من يقين ..
فالنفس البشرية ـ أيا كانت من وثاقة الإيمان بالله ـ تعرض لها فى الشدائد والمحن ، عوارض ، من الخواطر ، والتصورات ، لا ترضاها لدينها ، وإيمانها بربها فى ساعة اليسر ، وفى أوقات السلام والأمن .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) (١١٠ : يوسف) وقوله تعالى عن النبي وأصحابه : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ : مَتى نَصْرُ اللهِ؟) (٢١٤ : البقرة) ويقول سبحانه عن المؤمنين فى غزوة الأحزاب : (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠ : الأحزاب) ـ وقد صرح المنافقون والذين فى قلوبهم مرض من المؤمنين ـ صرحوا عن ظنونهم بالله يومئذ ، فقالوا ما ذكره الله تعالى عنهم من قولهم : (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) (١٢ : الأحزاب).