تعالى ذكره فى العالمين إلى يوم الدين. وحسبه أن أسرى به مولاه إلى السموات العلا ، واستضافه فى الملأ الأعلى ، وأراه من آيات ربه الكبرى .. (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ، وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ ، الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ، وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) ..(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى ، وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) .. (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (١١٣ : النساء) .. (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) ..
هذا بعض ما أعطى الله سبحانه نبيّه الكريم ، وإنّ عطية واحدة من هذه العطايا لنملأ الدنيا كلها خيرا وبركة ، وتسع الناس جميعا سعادة ورضا!
وهذا هو ميزان الرسول الكريم عند ربه ، دون الناس جميعا .. وإنه ميزان ليرجح كل ما أعطى الناس من جزيل عطايا الله سبحانه وتعالى ومننه .. فكل ما أعطى الناس بعد هذا ، أو قبل هذا ، من مال وبنين ، ومن علم ومعرفة ، ومن هدى ونور ، وكل ما أصابوا من خير مادى أو معنوى ـ هو من بعض هذا الذي أعطى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه .. فما أعظم هذا الغنى وما أطيبه ، وما أبقاه وأخلده .. (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) (١٣١ : طه)
وهل يلتفت رسول الله بعد هذا إلى ما عند الناس مما رزقهم الله من مال وبنين؟ وهل يرى شيئا من حطام الدّنيا يجرى مع هذا الذي أعطاه الله ، ويأخذ له مكانا فيه؟ وهل تشتهى نفس بين يديها مائدة حافلة بطيب الطعام ، وصنوف المآكل ، إلى فتات فى مزبلة يتداعى عليها الذباب؟
وقوله تعالى :
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).
الفاء هنا للسببية ، والتعقيب على هذه البشرى المسعدة التي شرح سبحانه