التفسير :
قوله تعالى :
(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ).
«الهمزة» هو الذي يهمز الناس ، أي يؤذبهم بقوارص الكلم جهرة ، فيخدش حياءهم ، ويمتهن كرامتهم ، ليزداد هو علوّا وتطاولا على الناس ، ولتخفّ موازينهم إزاء ميزانه ، فلا يرتفع أمامه رأس ، ولا يشمخ أنف.
و«اللمزة» هو الذي ينقص من أقدار ذوى الأقدار ، فى غير مواجهتهم ، إذ كان لا يستطيع أن يلقاهم وجها لوجه. فيشيع الفاحشة فيهم ، ويذيع قالة السوء عنهم.
فالهمز واللّمز غايتهما واحدة ، وهى الحطّ من أقدار الناس ، ومحاولة إنزالهم منازل الدّون فى الحياة .. وإن كان الهمز بأسلوب العلانية ، واللمز بأسلوب السرّ والخفاء .. ومن كان من شأنه الهمز كان من شأنه اللمز كذلك ، والعكس صحيح .. إذ هما ينبعان من طبيعة واحدة.
وقوله تعالى :
(الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ)
هو من أوصاف هذا الهمزة اللّمزة ، الذي توعّده الله سبحانه وتعالى بالويل والعذاب ..
فأكثر الناس همزا ولمزا للناس ، هو الذي يحرص على جمع المال ، ويجعل هذا الجمع كلّ همّه فى الدنيا ..
وإنه لكى ينفسح له طريق الجمع ، ويخلو له ميدان الكسب ، يحارب الناس بكل سلاح ، فلا يدع فى الميدان الذي يعمل فيه إنسانا إلا طعنه