والاستفهام عنها هنا ، هو تهويل لها ، وليومها ، وأنها مما لا تحيط العقول بكنهها ..
وقوله تعالى :
(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ. وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) ..
هو خبر عن القارعة ، أي هى يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ، وتكون الجبال كالعهن المنفوش .. أي فى هذا اليوم يكون الناس كالفراش المنتشر ، فى انطلاقهم إلى الحشر ، وفى حومهم حول النار كما يحوم الفراش .. وتكون الجبال فى هذا اليوم كالصوف المنفوش ، أي الذي تفككت شعيراته بعضها عن بعض .. وقد عرضنا لهذا فى مبحث خاص (١)
وقوله تعالى :
(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ـ المراد بثقل الموازين هنا هو اعتبار الأعمال ، وإقامة وزن لها ، حتى إذا وزنت كان لها رجحان على غيرها من الأعمال التي لا قدر لها ولا وزن ، كما يقول سبحانه وتعالى عن أعمال الكافرين : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١٠٥ : الكهف) لأن أعمالهم لا قيمة لها ولا قدر .. ، لأنها لم تقم فى ظل الإيمان بالله.
فأصحاب الأعمال الحسنة التي رجحت بها موازينهم وارتفعت بها أقدارهم على الناس يومئذ ، هم فى عيشة راضية ، حيث ينعمون فى جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ..
__________________
(١) انظر صفحة ٥٤٩ الكتاب الرابع عشر من التفسير القرآنى.