غير مؤمنين ، إذا لم يصلوا إيمانهم هذا ، بالإيمان بدين الله (الإسلام) الذي كمل به الدين .. فالمؤمنون حقّا من أهل الكتاب ، لا يجدون فى الإيمان بالإسلام حجازا يحجز بينهم وبينه ، إذ كان دينهم بعضا من هذا الدين ، وبعض الشيء ينجذب إلى كله ، ولا يأخذ طريقا غير طريقه!
فأهل الكتاب جميعا ـ المؤمنون منهم والكافرون ـ على سواء فى مواجهة الدين الإسلامى ، كلّهم مدعوون إلى الإيمان به ، فمن لم يؤمن به فهو كافر.
وأهل الكتاب ، إذ دعوا إلى الإيمان بدين الله ، تفرقوا ، فآمن قليل منهم ، وكفر كثير .. وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى فى قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) (١٢١ : البقرة) وبقوله سبحانه : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ، وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) (٥٢ ـ ٥٣ : القصص).
وأما المشركون ، فقد انفكوا ، وانفصلوا عن الكافرين من أهل الكتاب ، بعد أن جاءتهم البينة إذ أنهم آمنوا بالله ، ودخلوا فى دين الله جميعا ، بعد أن تلبثوا على طريق العناد والضلال!
وقوله تعالى :
(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
أي أن أهل الكتاب الذين دعوا إلى الإيمان بشريعة الإسلام ، لم يدعوا إلى أمر لا يعرفونه ، ولم يؤمروا بأمر لم تأمرهم به شريعتهم التي هم بها يؤمنون .. إنهم ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ، لا يعبدون إلها غيره «حنفاء»