الذي ينهى عبدا عن الصلاة ، ويحول بينه وبينها؟ ثم أرأيت لو أنه كان فى موقف آخر غير هذا الموقف ، فكان قائما على طريق الهدى ، مؤمنا بربه ، مواليا له ، آمرا بالبر والتقوى بدلا من نهيه عن البر والتقوى؟ فاىّ حاليه كان خيرا له وأهدى سبيلا؟ أحال الضلال ، والعمى ، والصد عن سبيل الله ، أم حال الاستقامة والهدى والدعوة إلى الله؟ وشتان بين الظلام والنور ، والشر والخير ، والكفر والإيمان!
وقوله تعالى :
(أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى* أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى).
أي ثم ماذا ترى من حال هذا الضال ، وقد أبى أن يكون على الهدى أو يأمر بالتقوى ، بل كذب بآيات الله ، وتولى معرضا عمن دعاه إلى الله ، ورفع لعينيه مصابيح الهدى؟ فأى إنسان هذا؟ وبأى نظر ينظر ، وبأى عقل يفكر ويميز بين الخير والشر؟ (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى)؟ أسفه نفسه حتى أنكر أن لهذا الوجود إلها قائما عليه ، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؟ ألا يخاف بأس الله؟ ألا يخشى عقابه؟
وقوله تعالى :
(كَلَّا .. لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ* ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ).
هو ردّ على هذا السؤال فى قوله تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى). وكلا ، إنه لا يعلم بأن الله مطلع على كل شىء ، ولو كان يعلم هذا علما مستيقنا لخاف ربه وخشى بأسه ، ولكن ضلاله أعمى قلبه ، وأظلم بصيرته ، فلم يرى جلال الله ، ولم يشهد عظمته ، ولم يخش بأسه!
وقوله تعالى : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) هو وعيد وتهديد لهذا الضال