الذي يسلكه ، وهيهات أن يتطابق إنسان وإنسان تطابقا تاما ، حتى ولو أخذا وجها واحدا ، ودانا بدين واحد ..
ففى الناس المؤمن والكافر ، وفى الناس المنافق الذي يجمع بين الكفر ولإيمان .. والمؤمنون ، درجات ، ومنازل ، والكافرون ، أنماط وصور ، والمنافقون وجوه وأشكال ..
واختلاف سعى الناس ، أمر بدهىّ ، يراه كل إنسان : المؤمنون والكافرون ، والمحسنون والمسيئون جميعا .. فكل ذى عينين يشهد أن الناس طرائق قدد ، وإلّا لاجتمعوا على عقيدة واحدة ، ومذهب واحد ، واتجاه واحد ، فيما يأخذون أو يدعون من أمور .. هذه بديهة لا تحتاج إلى توكيد ـ فلم جاءت الآيات القرآنية مؤكدة لها بهذا القسم؟
والجواب على هذا ، هو أن التوكيد بالقسم وإن وقع على المقسم عليه ، وهو اختلاف سعى الناس ـ إلا أن المنظور إليه هو ما وراء هذا الاختلاف فى المسعى ، وهو أن هناك محسنين ومسيئين .. وهذا أمر يدعو العاقل إلى أن ينظر إلى نفسه وأن يفتش عن مكانه فى المحسنين أو المسيئين ، إذ كل إنسان عند نفسه أنه محسن ، وحتى المحسن حقيقة ، يقدر أن إحسانه مطلق لا تقع منه إساءة ، وهذا غير واقع ، فالمحسن ليس سعيه كله قائما على ميزان الإحسان ، بل إن سعيه مختلف ، فيه الحسن ، وفيه السيّء ، فلا ينبغى أن يسوّى حساب أعماله بينه وبين نفسه على ميزان الإحسان دائما .. بل يجب أن ينظر فى كل عمل ، ويعرضه على ميزان الحق ، والعدل ، والخير ، فإن اطمأن إليه ، ورضى عنه ، أمضاء ، وإلا عدل عنه.