السماء أقرب منه إلى عالم الأرض .. إنه الإنسان الذي خلقه الله فى أحسن تقويم ..
(وَالْأَرْضِ وَما طَحاها)
هو الإنسان الذي زهد فى عقله ، وأسلم زمامه لهواه ، فكان بعضا من هذه الأرض ..
إنه الإنسان الذي ردّه الله أسفل سافلين ..
(وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها)
هى النفس الإنسانية على إطلاقها .. إنها مستعدة الهدى والضلال ، فاردة قلاعها إلى جهتى الخير والشر .. هكذا صاغها الخالق جل وعلا ، من النور والظلام ، من نفحات السماء ، ومن تراب الأرض. (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) أي آتاها الله سبحانه وتعالى القدرة على الاتجاه نحو اليمين أو الشمال ، نحو الخير أو الشر ، نحو الإيمان أو الكفر .. هكذا يرى الإنسان القدرة من نفسه على التحرك فى هذين الاتجاهين ..
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) .. هو الواقع عليه هذه الأقسام ، فهو جوابها .. إن السعيد من الناس ، من زكّى نفسه وطهرها فحلصها من تراب الأرض ، وأطلق روحه من أسر المادة ، فحلّقت به فى عالم الحق والنور.
وإن الشقي من دسّى نفسه ، أي أخفاها ، وغطّى عليها بكثافة المادة وظلامها ، وعاش حبيسا داخل هذه القوقعة التي نسجها حول نفسه ، لا يرى ، ولا يسمع ، ولا يتحرك.
و«ما» فى قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها ، وَالْأَرْضِ وَما طَحاها