التفسير :
قوله تعالى :
(وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ. وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ).
القسم هنا ، بشيئين ، هما : السماء ، والطارق!
ولأن السماء معروفة ، وهى هذا البناء القائم ذو السقف المرفوع فوقنا ـ فلهذا لم يكشف القرآن عن وجهها ..
أما «الطارق» فهو مما لا يعرف على وجه التحديد ، فإن لفظ «الطارق» يحتمل معانى كثيرة .. فكل ما طرق الإنسان وجاءه على غير انتظار ، فهو طارق ، سواء أكان شخصا أم حدثا .. وفى الحديث الشريف : «أعوذ بك من طوارق الليل والنهار إلّا طارقا يطرق بخير يا رحمن» .. ولهذا فقد جاء القرآن بهذا السؤال عنه : (وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ)؟ حتى ينبّه إليه ، ويبعث على التطلع إلى معرفته .. ثم بينه الله سبحانه وتعالى بقوله : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) فهذا هو الطارق .. إنه النجم الثاقب!
والنجم الثاقب : قد يكون نجما واحدا ، وهو النجم القطبي ، الذي يثقب ظلمة الليل بضوئه المشع ، كما أشرنا إلى ذلك فى سورة النجم.
وقد يكون مرادا به ، جنس النجم ، أي كل ما يظهر فى السماء من نجوم ، تثقب بضوئها أديم السماء المعتم.
وقد يكون المراد به تلك الشهب الراصدة ، التي ترجم بها الشياطين ، وهى النيازك التي ترى ساقطة من السماء إلى الأرض فى الليل ، ثاقبة الظلام المنعقد بين السماء والأرض ..