وقوله تعالى :
(إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ. وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ).
أي أن أصحاب الأخدود قعود على هذه النار ، قائمون عليها ، يشهدون تنفيذ حكمهم فى المؤمنين بالله ، ويتشفون بما هم فيه من عذاب.
وقوله تعالى :
(وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
أي أنه ليس بين أصحاب الأخدود هؤلاء ، وبين المؤمنين ، من ذنب يأخذونهم به ، إلا إيمانهم بالله العزيز الحميد .. إنهم يؤمنون بالله الذي لاقوة إلا قوته ، ولا عزة إلا عزته ، وأن ما يملكه أصحاب الأخدود من قوة ، وما يجدونه فى أنفسهم من عزة ، هو شىء محقر مهين إلى جانب عزة الله ، التي يلوذ بها المؤمنون .. وهم ـ أي المؤمنون ـ يحمدون الله على السراء كما يحمدونه على الضراء ، فهو سبحانه المستحق وحده للحمد فى جميع الأحوال .. وهو سبحانه ، له ملك السموات والأرض وما فيهن ، من عتاة وجبارين ومتكبرين ، وهو يرى ويعلم كل شىء ، فينتقم لأوليائه ، ويأخذ لهم بحقهم ممن اعتدى عليهم ..
ولقد انتقم الله لأوليائه ، وهاهم أولاء المجرمون قد سيقوا إلى ساحة قضائه العادل ، وقد صب الله عليهم لعنته ، وألقى بهم فى عذاب الحريق!
وفى التعبير عن إيمان المؤمنين بفعل المستقبل : (إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا) ، بدلا من الفعل الماضي ، الذي يقتضيه المقام ، والذي بسبب وقوعه كانت نقمة الناقمين عليهم ـ فى هذا إشارة إلى أن هذا الإيمان الذي فى قلوب هؤلاء المؤمنين ، هو إيمان ثابت فى قلوبهم ، مصاحب لهم ، لا يتحولون عنه ، ولا يجليه عن قلوبهم وعد أو وعيد.