أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟ ..) (١٠ : السجدة)
ولكن لو جاوزنا هذا الجسد ، لوجدنا أن الحياة التي كانت تلبسه ، قد اكتسبت بخلاصها منه بالموت ، قوة لا حدود لها ، حيث حرجت من هذا الحيّز الضيق الذي كان يحتوبها ، وانطلقت فى هذا العالم الرحيب ، تحلّق فيه بقدر ما احتفظت به من خصائصها الروحية حال تلبسها بالجسد .. وفى هذا يقول الرسول الكريم : «الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا» .. وهو شرح لمعنى قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (٤٢ : الزمر) ..
أما أن الميت يبقى بعد موته فى حال همود ، وجمود ، إلى أن يجىء يوم البعث والنشور ، فهذا فهم خاطئ أيضا ..
فالإنسان إذ يموت ، فإن الموت ـ كما قلنا ـ لا يقع إلا على جسده ، أما روحه ، فإنها تجد فى موت الجسد فرصتها للخلاص من القيد الذي قيدها به ..
وعلى هذا ، فإن الإنسان إذا مات ، فإنما يموت موتا ظاهريّا يرى فى هذا الجسد ، وأما هو فى حقيقته ، فهو حىّ فى هذا الروح الذي انطلق من الجسد محمّلا بكل ما ترك الجسد فيه من آثار طيبة ، أو سيئة .. وفى هذا يقول الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ : «من مات فقد قامت قيامته» ..
وهذا يعنى أن الميت إذ يموت ، يبعث فى الحال بعثا جديدا ، بمعنى أنه يقوم من عالم النوم الذي كان فيه ، كما يشير إلى ذلك الحديث الذي ذكرناه من قبل ، وهو : «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» ..
وهذا يعنى أيضا أن هناك قيامتين : قيامة خاصة بكل إنسان ، وهى