الجنة ، فظلال الجنة ممتدة دائمة ، كما وصفها الله سبحانه وتعالى فى قوله : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) (٣٥ : الرعد) وفى قوله تبارك اسمه : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ، ما أَصْحابُ الْيَمِينِ ، فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) (٢٧ ـ ٣٠ الواقعة).
وإذن فهذا الظل لا مكان له إلا فى جهنم ، إذ ليس فى هذا اليوم إلا الجنة والنار .. وإنه لهناك فعلا ..
وقد جاء فى القرآن الكريم وصف لهذا الظل الجهنمى فى قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ؟ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ، لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) (٤١ ـ ٤٤ : الواقعة)
واليحموم الدخان الأسود الكثيف ، الذي ينعقد فى الجو ..
والدخان الكثيف ، إذا خرج من موقده ، كان فى أول أمره كتلة واحدة ، فإذا ارتفع قليلا فى الجو تخلله الهواء ، ورق قليلا ، وكان طبقة أرق من الطبقة التي تحته ، ، ثم إذا علا فى الجو ، رقّ ، فكان أرق مما تحته .. ثم إذا ارتفع أكثر من هذا المدى ذاب فى الهواء وتبدد ، ولم يعد له ظل!! فهذا هو الظل ، وتلك هى شعبه الثلاث التي تشعب إليها ، وكأن كل شعبة من الشعب الثلاث كيان قائم بذاته ، وإنما سميت شعبة لأن أصلها من مصدر واحد ، هو النار.
وقوله تعالى : (لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) ـ هو وصف لهذا الظل الجهنمى .. إنه لا ظليل ، أي لا يستظل به من حر ، ولا يأوى إلى ظله محرور ، من الكائنات الحية ، وإنه لا يغنى من اللهب ، أي لا يدفع عنهم لهب جهنم الذي ينوشهم من كل جانب ..
وفى دعوتهم إلى الانطلاق إلى ظلّ هو من دخان جهنم ، لا إلى جهنم ذاتها ، مع أنهم مدعوون إليها أصلا ـ فى هذا استهزاء بهم ، وسخرية منهم ، ومبالغة