أي كما فعلنا بالأولين ، وألحقنا بهم الآخرين ، كذلك نفعل بالمجرمين ، فى كل أمة ، وفى كل جيل .. فهذا هو حكم الله فى أهل الضلال ، لا استثناء فيه .. وفى هذا إشارة إلى المشركين الذين يواجهون النبي بعنادهم وضلالهم ، ويركبون نفس الطريق الذي ركبه الضالون من الأولين والآخرين قبلهم .. فالويل لهم يومئذ من عذاب الله المرصود لكل مكذّب بهذا الحديث ..
قوله تعالى :
* (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ* فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ* إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ؟) هو دعوة إلى هؤلاء الضالين المكذبين من المشركين ، أن يعيدوا النظر فى موقفهم من إنكار البعث ، وتكذيبهم به ، واستبعادهم له ، حتى يخلصوا بأنفسهم من هذا الويل المطلّ عليهم ، فتلك هى فرصتهم الأخيرة ، فإن لم يبادروها ويصححوا موقفهم فيها ، أقلعت سفينة النجاة ، وتركتهم يغرقون فى هذا الطوفان المقبل عليهم!!
فهؤلاء الذين يستبعدون البعث ، ويستعجزون قدرة الله عن إعادتهم إلى الحياة بعد الموت ـ ألم يخلقهم الله من ماء مهين؟ فما الفرق بين خلقهم من هذا الماء المهين ، وبين بعثهم من التراب؟
والماء المهين ، هو ماء الرجل ، وهو المنىّ الذي يتخلق منه الجنين فى رحم الأمّ.
ووصف الماء الذي خلق منه الإنسان بأنه مهين ـ إشارة إلى أنه فى ظاهره شىء لا وزن له فى مرأى العين ، بل هو شىء مستقذر ، لا يحرص عليه الإنسان ..
قوله تعالى :
* (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ).