أي أن الذين يطوفون بهذا الشراب ، ويقومون على خدمة الشاربين ، هم ولدان ، أي غلمان فى أول بواكير الشباب ، إذا رآهم راء حسبهم لؤلؤا منثورا .. صفاء ، ورونقا ، ونضارة ، وإشراقا ..
وفى مجىء نظم الآية فى صورة خطاب ـ بعث لأشواق المخاطب ، ودعوة له إلى مشاهدة هذه الأحوال ، ثم العمل على أخذ مكانه مع هؤلاء الذين ينظر إليهم.
والمخلدون : الذين لا يتحولون عن حالهم تلك أبدا ، ولا يتأثرون بمرور الدهور والأزمان .. وهو من الخلد : أي الثبات ، وعدم التحول ، والانتقال من مكان إلى مكان .. يقال ، أخلد فلان فى مكانه ، أي لزمه ، وأخلد إلى الراحة أي أقام فى ظلها .. ومنه جنّة الخلد ، أي الخلود والدوام فيها.
واللؤلؤ المنثور ، هو اللؤلؤ المتناثر الحبات ، الذي لم ينتظمه عقد .. واللؤلؤ المنثور أبهى منظرا ، وأبهر موقعا فى العين ، منه لو كان منضّما بعضه إلى بعض .. كالمنثور من الزهر فى الروض ، تتنقل العين فى محاسنه من زهرة إلى زهرة ، على حلاف ما لو ضمّ بعضه إلى بعض لأخذته العين كله بنظرة واحدة!!
قوله تعالى :
* (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً)
ثم : أي هناك ، فى الجنة ، وما يلقاه أهلها فيها من نعيم ..
إنك لو كنت هناك ـ جعلنا الله وإياك من أهلها ـ لرأيت نعيما لا حدود له ، وملكا كبيرا قائما بين يدى أصحاب النعيم.
والمراد بالملك الكبير هنا ، السلطان العظيم الذي هو مظهر من مظاهر الملك ، وسمة من سماته ..
وأي سلطان أعظم من سلطان أهل الجنة ، حيث تمضى إرادتهم فى كل