فضل ، ولما استحقوا عند الله أجرا ، لأنهم استوفوا جزاء ما عملوا ، ممن صنعوا بهم هذا الصنيع ..
وهذا القول من الأبرار ليس بلسان المقال ، يواجهون به من أطعموهم ، فإنهم لو فعلوا ، لكان ذلك من باب المنّ والأذى ، الذي يحبط الأعمال ، ويمحق الإحسان ـ وإنما هو بلسان الحال ، ومما انطوت عليه ضمائرهم ، وانعقدت عليه نيّاتهم ..
قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، رضى الله عنهما : «والله ما قالوا ذلك بألسنتهم ، ولكن علمه الله من قلوبهم ، فأثنى به عليهم ، ليرغب فى ذلك راغب» ..
وروى عن عائشة رضى الله عنها ، أنها كانت إذا بعثت بالصدقة إلى أهل بيت من الفقراء ، سألت من بعثته : ماذا قالوا لك؟ فإن ذكر أنهم دعوا لها ، أخذت هى بالدعاء لهم ، ليبقى لها عملها خالصا لوجه الله.
قوله تعالى :
* (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً).
وهذا أيضا مما يقوله الأبرار المتصدقون ، بلسان الحال ، لا بلسان المقال .. إنهم إنما فعلوا ما فعلوا ابتغاء وجه ربهم ، وخوفا من لقائه يوم القيامة ، حيث مزدحم الأهوال ، وحيث يكثر العويل ، والبكاء ، وصرير الأسنان!!
ووصف اليوم بأنه هو العبوس القمطرير ، لأنه يطلع على الناس أغبر متجهما ، يرمى بالنذر والمهلكات .. وإنه على صفحة الأيام والليالى تنطبع أحوال الناس ، فالحزين يرى الحزن مخيّما على وجه أيامه ولياليه ، والمتوجّع الشاكي ، لا يسمع من أصداء الزمن إلا توجعا وأنينا ، على حين يجد الخلّى المغتبط ، الأيام