فى ظاهرها ، وكأنها من مادة ما نتكلم به ، من حروف وكلمات ، ولكنها آيات معجزة ، تتحدّى ، وتفحم ، وتعجز.
قوله تعالى :
* (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً)
النذر : ما ألزم الإنسان به نفسه من طاعات وقربات ، ومنه قوله تعالى ، على لسان مريم عليهاالسلام : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (٢٦ : مريم)
والوفاء بالنذر : هو إمضاء لعقد عقده الإنسان مع ربه ، بما يتقرب به إليه ، فهو عقد ملزم ، لا ينبغى الفكاك منه ، والله سبحانه وتعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١ : المائدة)
وهذا النذر ، هو من صفات الأبرار ، حيث لا يقفون عند أداء ما فرض الله سبحانه وتعالى عليهم من فرائض ، وما أوجب عليهم من واجبات ، ولا ما سن لهم الرسول الكريم من سنن ، بل يتجاوزن ذلك إلى طلب المزيد من القربات لله ، فى كل ما يرون لله سبحانه فيه رضا ، ولو شقّ ذلك عليهم ، وحرمهم لذة النوم ، والشبع ، والرىّ ..
ولم تعطف هذه الآية على ما قبلها ، لأنها جواب عن سؤال ، هو تعقيب على ما ذكر فى الآيات السابقة ، مما وعد الله سبحانه وتعالى به الأبرار ، من عظيم المثوبة ، وكريم الجزاء ـ فكان مما يسأل عنه فى هذا المقام هو : وبم استحق هؤلاء المكرمون هذا التكريم؟ وماذا كان شأنهم فى الحياة الدنيا؟ فكان الجواب : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) .. (٧ : الإنسان)