ولعلّ سائلا يسأل : أهذا يعدّ تفسيرا لبعض كلمات القرآن ، يصحب الرسم التي ترسم به هذه الكلمات؟.
ونقول ـ والله أعلم ـ نعم! إنّه إشارة إلى معنى من معانى الكلمة ، ودلالة من دلالاتها ، وهذا المعنى أو تلك الدلالة ، ليس عن مجرد اجتهاد شخصىّ من كتّاب المصحف العثماني ، وإنما هو عن نظر إلى معنى صريح جاء فى آية أخرى ، يحدّث عن هذه السلاسل وطولها ، وذلك فى قوله تعالى : (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) (٣٢ : الحاقة)
فهل رأى الناس سلسلة طولها سبعون ذراعا يشدّ إليها إنسان أو حيوان؟
فهذه السلاسل ، هى من نوع هذه السلسلة الغريبة ، ولهذا رسمت ذلك الرسم الغريب فى صورته شكلا ، ونطقا .. إذ كانت الألف تحتمل مطّ الصوت بها وامتداده ، وإطالته ، كما طالت تلك السلاسل ، طولا غريبا.
وما قلناه فى لفظ «سلاسل» يقال فى لفظ (قَوارِيرَا* قَوارِيرَا) ، فقد رسم هذا اللفظ فى الموضعين بألف زائدة فى آخره ، دون تنوين ..
وهذا الرسم يشير إلى غرابة هذه القوارير ، وأنها ليست مما للناس عهد به .. فما رأى الناس أبدا قوارير من فضة ، أي أكوابا زجاجية ، هى فى حقيقة أمرها من فضة! فالأ كواب إما من فضة ، وإمّا من زجاج ..
أما أن تكون فضة وزجاجا معا ، فذلك هو الذي لا يقع فى تصوّر أحد .. ولكن هذه أكواب الجنة التي يشرب بها عباد الله هناك شرابهم .. إنها أكواب من فضة ، ولكنها فى صفاء الزجاج ، وشفافيته ، حيث يرى من ظاهرها لون ما فيها من شراب ، وهذا لا يكون إلا لآنية الزجاج وحده ..
قوله تعالى :
* (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً).