فإن سمع من الأنوار كلام الله سبحانه ، ونزل عليه ملك ، فذلك هو القرآن ..
وإن لم يسمع كلاما ، ولا نزل عليه ملك ، فذلك وقت الحديث القدسىّ ، فيتكلم عليه الصلاة والسلام ، ولا يتكلم حينئذ إلا فى شأن الربوبية بتعظيمها ، وذكر حقوقها ..
وأما الحديث الذي ليس بقدسى ، فإنه يخرج من النور الساكن فى ذاته عليهالسلام ، الذي لا يغيب عنه أبدا ، وذلك أنه عزوجل أمدّ ذاته عليهالسلام بأنوار الحق ، كما أمد جرم الشمس بالأنوار المحسوسة .. فالنور لازم الذات النبوية الشريفة ، لزوم نور الشمس لها.
ثم يزيد الدباغ الأمر وضوحا فيقول :
«إذا تكلم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان الكلام بغير اختياره فهو القرآن .. وإن كان باختياره ، فإن سطعت حينئذ أنوار عارضة ، فهو الحديث القدسي ، وإن كانت الأنوار الدائمة ، فهو الحديث الذي ليس بقدسى ، ولأن كلامه صلىاللهعليهوسلم لا بد أن يكون معه أنوار الحق سبحانه ، كان جميع ما يتكلم به وحيا يوحى .. وباختلاف أحوال الأنوار افترق إلى الأقسام الثلاثة».
وهذه الأنوار القدسية التي يشير إليها «الدباغ» والتي يستمد منها النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ القرآن والحكمة ـ هى أنوار النبوة المفاضة عليه من ربه ، فكان صلوات الله وسلامه عليه نورا من نور الحق ، كما كانت كلماته من كلمات الله سبحانه .. وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى فى قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ