للمشركين والضالين فى موقف الحساب والجزاء يوم القيامة .. فما سرّ وضع هذه هذه الآيات هنا؟ وما المناسبة الجامعة بينها وبين ما تقدمها ، وما جاء بعدها؟
نقول والله أعلم : إن هذا الترتيب الذي جاء عليه نظم هذه الآيات ، يشير إلى أكثر من دلالة ، ويومىء إلى أكثر من مقصد :
فأولا : هذا القطع لنسق النظم ، فى صورة فجائية ، وبلا مقدمات ـ هو إلفات قاهر ، لا إرادى ، لأولئك المشركين الذين يكذبون بيوم الدين ، ويكذبون بما تلا عليهم رسول الله من آيات الله ، وما تحمل إليهم هذه الآيات ، من أخبار هذا اليوم ، وأحداثه .. وفى هذه اللفتة القاهرة يرون النبي فى مقام التلقّى عن ربه ، وفى مجلس التلقين ، والتعليم منه ، سبحانه ، وأنه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يتعلم مما علمه الله ، وأن هذا العلم لا يستأثر به وحده ، وإنما هو مأمور بحمله وعرضه على الناس جميعا ، ليأخذوا حظهم كاملا منه ..
ولا شك أن هذا من شأنه أن يخفف كثيرا مما فى قلوب المشركين من مشاعر الحسد للنبى ، والغيرة منه ، كما أن هذا الموقف يفتح عيون كثير من المكذبين والمعاندين على وجه الحق الذي غاب عنهم فى دخان الحسد المنبعث من صدورهم ، حيث يرون النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يتلقى هذا التحذير والتأديب فى مقام التعلّم ، وأنه ليس هناك أمام عظمة الله عظيم .. إن الله سبحانه هو رب العالمين ، وكلهم مربوبون له ، منقادون لأمره ، وأن ما جاءهم به النبي قد احتمل فى سبيله جهدا أو مشقة ، وهم يتلقونه منه دون أن يسألهم عليه أجرا ..
وثانيا : الطبيعة البشرية يغلب عليها حب التملك ، ومن أجل هذا كان شأن الناس إيثار العاجل على الآجل ، والحاضر على الغائب ، وكان من هذا