وقوله تعالى :
* (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ)
أي فى هذا اليوم يخبر الإنسان ، بكل ما عمل ، فى حياته كلها ، من أولها إلى آخرها .. ما تقدم منها وما تأخر .. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (٢ : الفتح)
قوله تعالى :
* (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)
هو إضراب على ما سبق ، وأن الإنسان ليس فى حاجة إلى من ينبئه بما قدّم وأخر ، بل إن كل إنسان يقوم عليه شاهد من نفسه ومن جوارحه ، فهو ـ والحال كذلك ـ إنما ينبأ بأعماله من ذات نفسه ، كما يقول سبحانه : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً).
وأنت لفظ بصيرة ، على تقدير مضاف أي ، ذو بصيرة ، وذلك حين ينكشف له يوم القيامة كل شىء ، فيرى الأمور على حقائقها ، ويبصر كل ما قدمته يداه ، كما يقول سبحانه : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢٢ : ق)
قوله تعالى :
* (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ)
أي أن هذه البصيرة التي تكون للإنسان يوم القيامة ، والتي يقوم منها شاهد عليه من ذاته ـ هذه البصيرة ، لا تلتفت إلى معاذيره التي يوردها ، عليها كما يقول سبحانه. (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (٢١ : فصلت) فلا يقبل من الإنسان عذر فى هذا