قوله تعالى :
(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) التفسير :
الفاء في قوله تعالى : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) هى فاء الفصيح ، ويراد بما بعدها الإفصاح عما تضمنه الكلام قبلها ، من إشارات وتلميحات ..
وهنا نجد أن قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ. وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) ـ نجد فى هذه الآيات دعوة آمرة من الله سبحانه وتعالى إلى النبىّ بأن يقوم فى الناس منذرا ، ولم تبين له الآيات ما ينذر به ، فجاء قوله تعالى : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) .. جاء مفصحا عما ينذر به ، وهو يوم القيامة ، وما يلقى أهل الضلال فيه من شدائد وأهوال ..
وقد يسأل سائل :
أبهذا النذير يبدأ الرسول رسالته ، ولا يبدؤها بالدعوة إلى الإيمان بالله ، الذي هو رأس الأمر كله ، ومقطع الفصل فيما بين المؤمن والكافر؟
والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ هو ـ كما قلنا فى أكثر من موضع ـ أن الإيمان بالحياة الآخرة ، وبالحساب والجزاء ، هو مضلّة الكافرين جميعا ، إذ يبدو لهم أن بعث الموتى من قبورهم بعد أن يصبحوا رفاتا وترابا ـ أمر لا يمكن أن يقع ، ولا تستطيع عقولهم تصوّره ، وأن كثيرا من مشركى العرب كانوا يؤمنون بالله إيمانا مشوبا بالضلال ، وباتخاذ معبودات يعبدونها من دون الله تقربا إليه بعبادتها ، وأنهم كانوا ـ مع هذا ـ مستعدّين أن يقبلوا الإيمان بالله ، وعبادته وحده ، ولم يكونوا مستعدين أبدا ، أن يقبلوا هذا الإيمان ، وفى مقرّراته البعث والحساب والجزاء ..