أمره الله سبحانه وتعالى به من قيام الليل فى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) ـ فقوله تعالى : (أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) أي أقرب إلى ثلثى الليل ـ يدخل فيه الليل كله إلا قليلا. ، كما يدخل فيه مازاد على النصف .. فإن أدنى من ثلثى الليل ، يحتمل طرفى الزيادة والنقص من الثلثين ، فما زاد عن الثلثين قليلا ، يعتبر أدنى منهما من جهة ، كما أن ما نقص عنهما قليلا ، يعد أدنى منهما من جهة أخرى ..
وأما قوله تعالى (وَنِصْفَهُ) فهو يقابل ما جاء فى قوله : (نِصْفَهُ) المذكور فى أول السورة ..
وأما قوله تعالى : (وَثُلُثَهُ) فهو يقابل قوله تعالى : (نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً) أي انقص من النصف قليلا ..
وقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) هو معطوف على فاعل : (تَقُومُ) أي تقوم أنت ، ويقوم طائفة من الذين معك ، أي من الذين آمنوا وأصبحوا معك ، لا عليك ..
وفى هذا ما يشير إلى أن قيام الليل لم يكن فرضا على المؤمنين ، ولا واجبا ، وإنما كان الذين قاموا الليل مع النبي جماعة من المؤمنين ، لا كل المؤمنين ، تأسّوا بالنبي ، دون أن يدعوا إلى هذا القيام ، وإلا لو كان فرضا الزم المسلمين جميعا ، ولكان الذين لم يقوموا الليل ، آمنين ، غير مؤمنين ، الأمر الذي لم تشر إليه الآيات ، من قريب أو بعيد. :
أما النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فقد كان قيام الليل فى أول رسالته ـ فرضا عليه وحده ، دون المؤمنين ، لأنه مكلف بمهمة لم يكلّف بها