هو عودة إلى هؤلاء المشركين ، بعد تهديدهم بالعذاب فى الدنيا ، والنكال وعذاب جهنم فى الآخرة ـ عودة إليهم بعرض دعوة الإسلام عليهم من جديد ، ليراجعوا أنفسهم ، وليطلبوا السلامة من العذاب ، القريب ، والبعيد ، الذي ينتظرهم ..
ويكثر فى القرآن الكريم ، مواجهة المشركين بفرعون ، وما كان منه من كفر وضلال ، وما أخذه الله به من بلاء ونكال ..
وقد قلنا فى غير موضع ، إن هذا الجمع بين المشركين وبين فرعون يشير فيما يشير إليه ، إلى ما بين هؤلاء المشركين وبين فرعون من مشابه كثيرة ، فى العناد ، والجهل ، والضلال ، والاستعلاء على سماع كلمة الحق ، والنفور منها ..
وقوله تعالى : (رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ) ـ إشارة إلى أن مهمة الرسول هو تبليغهم ، وأداء الشهادة عند الله فيهم ، بما كان منهم من هدى أو ضلال ، ومن استجابة له ، أو إعراض عنه .. كما يقول سبحانه : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٤١ : النساء).
قوله تعالى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) ـ هو بيان للمشركين ، يرون فيه ما كان من فرعون ، وما حل به .. لقد عصى فرعون الرسول ، وهو موسى ، فأخذه الله تعالى أخذا وبيلا ، أي أخذا مخزيا ، مهينا ، مهلكا .. فهل يعصى هؤلاء المشركون الرسول الذي أرسله الله إليهم؟ إنهم إن يفعلوا فعل فرعون ، فسوف يلقون ما لقى فرعون .. إنهم ليسوا أشدّ من فرعون بأسا ، ولا أقوى منه قوة ، ولا أعز نفرا ، ولا أكثر قبيلا ..
قوله تعالى :
* (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً* السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً).