النور الذي يحمله رسول الله إليهم؟ لا ندرى أشر أراد الله بالناس من هذه الرسالة ، بإلزامهم الحجة ، ثم إهلاكهم ، أم أنه أراد لهم الهداية والرشاد ، فيهتدوا ويرشدوا؟ إن الأمر لم ينته إلى نهايته بعد .. وسنرى ما يكون؟
قوله تعالى :
* (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ .. كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً).
وهنا يلتفت هؤلاء النفر من الجن إلى قومهم ، وهل يتقبلون هذا الهدى الذي اهتدوا هم إليه ، بعد استماعهم إلى آيات الله ، التي تلاها عليهم رسول الله ، أم أنهم يرفضونه كما رفضه هؤلاء المشركون من قريش؟ إنهم يتساءلون هذه التساؤلات قبل أن يبرحوا مجلس النبي ، وفى قلوبهم الإيمان ، وبين أيديهم الهدى .. ثم يحدّث بعضهم بعضا ، بأن حال قومهم هى حال الناس من أبناء آدم ، فيهم الصالحون ، وفيهم الفاسدون ، وفيهم من هم بين الصالحين ، والفاسدين .. إنهم طرائق مختلفة .. لكل منهم طريقة كما أن الناس طرقهم ..
والطرائق : جمع طريقة ، وهى المتجه الذي يأخذه المرء فى حياته ، من استقامة أو عوج ..
والقدد : جمع قدة ، وهى القطعة من الشيء ، أىّ قطعة ، ومنه قوله تعالى : * (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) (٢٥ : يوسف) أي قطعته ..
وقوله تعالى :
* (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً)
أي وأننا بعد تطوافنا فى الأرض وفى السماء ، قد أيقنّا أننا بين يدى الله حيث كنا ، وأننا تحت قهر سلطانه القائم على الوجود كله .. وأننا لن