والمعنى : أنه قد اتضح لنا مما سمعناه من هذا القرآن العجب ، أن ما كان من استعانة بعض شياطين الإنس ، بشياطين الجن ، فى اختلاق الأكاذيب ، وتلفيق المفتريات على الله ـ اتضح لنا أن ذلك لم يزد العائذين بالجن ، إلا ارتكاسا ، وعجزا ، عن الوصول إلى طريق الحق ، وأن كل ما اختلفوا من أكاذيب ، وما لفقوا من مفتريات ، لم يمس جوهر الحقيقة ، ولم يعمّ سبيل الحق عن طلابه ، والساعين إليه ، وأن هذه الأكاذيب ، وتلك المفتريات إذا طلعت عليها شمس الحقيقة فرت من بين يديها ، كما يفر ظلام الليل بين يدى أضواء الصبح!
قوله تعالى :
* (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً).
أي وأننا علمنا مما استمعنا إليه من هذا القرآن العجب ، أن الإنس ظنوا كما ظننا نحن الجن ، أن لن يبعث الله أحدا من رسله بعد موسى ، وعيسى ، عليهماالسلام .. وهذا ظن باطل ، فها هوذا رسول من عند الله ، يتلو هذا القرآن العجب ، فيبلّغ به رسالة الله.
وفى هذا الذي ينطق به الجن بعد أن آمنوا ، تبكيت للمشركين ، واستخفاف بعقولهم ، واستخفاف لأحلامهم ، وأنهم عموا عن هذا الهدى الذي طلعت شمسه فى سمائهم ، فلم يهتدوا به ، وقد سبقهم إليه أبعد الخلق عنه ، وهم الجن.
قوله تعالى :
* (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً)
ومن دلائل هذا الرسول الذي بعثه الله ، ليس هذا القرآن وحسب .. بل