وقوله تعالى :
* (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) ..
أي فى هذا اليوم ، لا يسأل صديق عن صديق ، ولا يلتفت قريب إلى قريب ، لما يواجه الناس يومئذ من أهوال ، وما يحيط بهم من كروب.
قوله تعالى :
* (يُبَصَّرُونَهُمْ .. يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ* وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ* وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ* وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ.).
هو بيان للحال التي يكون عليها الناس يوم القيامة ، وأن كلّ إنسان مشغول بنفسه ، لا يسأل عن أحد ، ولا يسأل عنه أحد .. إن كان من الناجين مضى إلى مرفأ النجاة ، ناجيا بنفسه ، دون أن يلتفت إلى وراء ، أو عن يمين أو شمال .. وحسبه أنه نجا .. وإن كان من الهالكين فحسبه ما يعانى من شدّة وبلاء .. (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) .. (٣٧ : عبس)
وقوله تعالى : (يُبَصَّرُونَهُمْ) .. أي يرونهم رؤبة كاشفة لأحوالهم وما هم فيه من كرب وبلاء .. وضمير الرفع «الواو» وضمير النصب «الهاء» فى «يبصرونهم» ، يعودان إلى «حميم» و «حميما» ، لأن كلّا منهما فى معنى الجمع ، وإن كان مفردا ، لأنه نكرة تفيد الاستغراق فى حال النفي .. والتقدير أنه لا يسأل الأصدقاء أصدقاءهم ، لأن كلّا من طرفى التساؤل ، على حال واحدة ، من الوجوم ، والاشتغال بالنفس عن الغير ، فالجميع فى هذا اليوم على سواء فيما يذهلهم من هموم ، فلا سائل ، ولا مسئول. وفى الفعل «يبصرونهم» ما ليس فى الفعل «يبصرونهم» وذلك :