هو تطمين للنبىّ ، وتسرية عنه ، لما يلقى من عناد قومه ، واستهزائهم به ، تحديهم للعذاب الذي ينذرهم به .. إن عليه أن يوطن نفسه على الصبر ، والصبر؟؟؟ ، الذي لا يصحبه ضجر أو ملل ..
ثم إن هذا الخطاب للنبى الكريم ، فيه تهديد للمشركين المكذبين ، بما سيقع بهم وراء هذا الصبر الذي يلقاهم النبىّ به ، محتملا سفاهتهم ، وسخريتهم .. فهو كقوله تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٧ : الطارق)
قوله تعالى :
* (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً* وَنَراهُ قَرِيباً)
الضمير فى «يرونه» يعود إلى العذاب الواقع بالكافرين ، المرسل عليهم من الله ذى المعارج ..
فالمشركون المكذبون باليوم الآخر ، يرون العذاب بعيدا ، أي بعيد الوقوع ، بعدا يبلغ حد الاستحالة ، أو يرونه بعيدا ، لأنه إذا جاء فإنما يجىء يوم القيامة ، التي لا يدرى أحد متى تكون على فرض وقوعها .. فهذا الزمن المجهول ، يبدو بعيدا بحيث يكون من العبث أن يرجو منه المرء خيرا ، أو يخشى منه شرا .. هكذا يقوم حساب هذا اليوم عند اللّاهين والغافلين ، الذين لا يعيشون إلا ليومهم .. (يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ .. وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ). (١٢ : محمد)
وقوله تعالى : (وَنَراهُ قَرِيباً) أي أنه وإن بدا هذا اليوم بعيدا فى نظر المشركين والمكذبين ـ هو فى حقيقته قريب ، وأنه إذا طلع عليهم بعد آلاف السنين ، بدا لهم أنه ابن يومهم هذا الذي هم فيه .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) (٤٦ : النازعات).