وإذن ، فلم يكذب محمد؟ ولم يقول على الله ما لم يقله الله؟
ألأجل نفسه يفعل هذا؟ إنه لم يطلب أجرا ، ولم ينل منكم كثيرا أو قليلا .. بل كل ما كان له منكم هو هذا الأذى المتصل ، وتلك السفاهة الحمقاء .. أم لأجلكم أنتم كان هذا الافتراء؟ ولم يعرّض نفسه لا نتقامنا ، وأنتم لن تدفعوا عنه ما نأخذه به من عقاب؟
إن الذي يغامر هذه المغامرة ، إما إن تكون لحساب نفسه ، ومن أجل هذا يحتمل ما يحتمل فى سبيلها .. وإما أن يكون لحساب غيره الذي يجد منه الحماية ساعة الخطر ..
فإذا لم يكن هذا أو ذاك ، فإنه يصبح من المحال أن تقع منه تلك المغامرة بالافتراء على الله ، لغير سبب معقول ، أو حكمة ظاهرة.
قوله تعالى :
* (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) ..
هذا هو القرآن الكريم .. إنه ليس بقول شاعر ، ولا بقول كاهن ، ولا متقوّل من رسول الله على الله ، وإنما هو تنزيل من رب العالمين .. وهو تذكرة للمتقين ، يذكرهم بما فى فطرتهم السليمة ، من إيمان بالله ، وتقبّل للحق والخير .. فهل بقي لكم من فطرتكم ـ أيها المشركون ـ شىء تلتقى به مع الحق ، وتؤمن به؟
قوله تعالى :
* (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ).
هو تهديد لهؤلاء المشركين ، الذين يكذبون بآيات الله ، وأن الله سبحانه وتعالى يعلم المكذبين بهذا الحديث ، والمتهمين للرسول ، وإن وراء هذا العلم