قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ). هو تنبيه للإنسان من غفلته عن الأعداء المتربصة به ، وبأهله ، والتي إن لم يأخذ حذره منها أوردته موارد الهلاك ، هو وأهله ..
ووقاية الإنسان نفسه ، من النار ، هى فى أن يستقيم على شريعة الله ، ويقف عند حدود أوامرها ونواهيها .. ففى ذلك سلامته من عذاب السعير ..
أما وقاية أهله ، فتكون بنصحه لهم ، وإرشادهم إذا ضلّوا ، وتنبيههم إذا غفلوا .. ثم قبل هذا كله ، يجب أن يكون هو القدوة الحسنة لهم ، فى طاعة الله ، وفى اتقاء حرماته .. لأن الخطاب هنا إنما هو لرأس الجماعة ، فى الأسرة ، ونحوها ، كالأب ، والأخ الأكبر ، والعالم ، وذوى الوجاهة والمكانة فى هذا المجتمع الصغير .. فهو هنا مسئول مسئولية الراعي عن رعيته ، كما يقول الرسول الكريم : «كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته».
وفى قوله تعالى : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ـ إشارة إلى قوة الطاقة الحرارية لهذه النّار ، التي تجعل الحجارة وقودا لها ، كما توقد نار الدنيا بالحطب ..
وقوله تعالى : (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) ـ هو عرض لخزنة جهنم وحرّاسها ، وما هم عليه من غلظة وشدّة .. فهم بهذه الغلظة وتلك الشدة يتعاملون مع أعنى المجرمين ، وأضل الضالين .. وهم بما يطلع على أهل النار من غلظتهم وشدتهم ـ هم عذاب إلى عذاب!
قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ .. إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). هو خطاب للكافرين الذين سيردون هذه النار ، وسيكونون حطبا ووقودا لها ـ خطاب لهم بألا يعتذروا فى هذا اليوم ، يوم القيامة ، فإنه لا يقبل منهم عذر ، فهذا وقت الجزاء بما عمل العاملون ، وقد عملوا هم السوء ، فكان