التفسير :
قوله تعالى :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً).
مناسبة هذه الآية وما بعدها للآيات التي قبلها ، هى أن الآيات السابقة قد رسمت حدودا أقامها الله سبحانه وتعالى العلاقة بين الزوجين ، وما قد يعرض لهذه العلاقة من عوارض تنتهى إلى الفرقة بينهما ، وقد توعّد الله سبحانه الذي يتعدّى هذه الحدود من الزوجين ..
وهنا فى قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها ..) الآية» ـ عرض لمن يتعدّون حدود الله عامة ، وما يأخذهم الله به من بلاء ونكال فى الدنيا ، ومن عذاب شديد منكر فى الآخرة ..
وفى هذا العرض ، يرى كلّ من الزوجين أنهما إذا خرجا عن حدود الله ، فلن يفلتا من سلطانه ، ولن ينجوا من حسابه وعقابه ، لأن أيّا منهما مهما بلغ من جاهه وسلطانه ، فلن يكون أقوى من أية قرية من تلك القرى التي اغترت بقوتها ، وبسطة الرزق لها ، فعتت عن أمر ربها ورسله ، فحاسبها الله حسابا شديدا ، وعذبها عذابا نكرا ..
وكاين : بمعنى «كم» الخبرية التي تفيد التكثير ، أي وكم من القرى التي عتت عن أمر ربها ورسله ، فحاسبها الله حسابا شديدا ، وعذبها عذابا نكرا؟ فما أكثر هذه القرى التي وقعت تحت هذا الحكم ..
وعتت : من العتو ، وهو التطاول بالبغي والعدوان ، والتمرد والعصيان ، عن استعلاء وتكبر .. والنكر : الشديد الأليم.