هذا السكن المهجور ، الذي لا يصحبها فيه إلا ما تحمل من هموم وأحزان ، وإلا ما تمضغ من مرارة هذه المصيبة التي حلت بها ، وقد أخرجتها من بيتها ، ثم تضنّ عليها هذه الشريعة بشىء من العزاء ، وهو ما يقدم لها من نفقة ، فى فترة هذا السجن الانفرادى!؟
وثالثا : ما جاء فى قوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) .. ليس فيه ما يحجب عن غير الحامل حقّها فى الإنفاق عليها ، وإنما جاء ذلك ليرفع عن أولات الحمل ما قد يوهم بأن لا نفقة لهن إلا فى حدود ما ينفق على غير دوات الحمل ، زمنا ، وقدرا ، بمعنى أن ينفق على ذوات الحمل فى حدود ثلاثة أشهر ، أي بمقدار ما ينفق على غير الحامل .. فجاء قوله تعالى : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) ـ جاء رافعا لهذا الوهم من جانبيه جميعا .. فينفق على ذات الحمل حتى تضع حملها ، ثم ينفق عليها قدرا مراعى فيه حالة الحمل الذي تحمله ، بحيث يكفل لها الغذاء المناسب لحالها وحال الطفل الذي يغتذى منها .. فالنفقة على ذات الحمل تختلف عن النفقة على غير الحامل وقوله تعالى : (مِنْ وُجْدِكُمْ) أي مما تجدون بين أيديكم ، أي مما هو موجود ومتاح لكم ..
وقوله تعالى : (وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) ـ هو خطاب للأزواج بأن يلتزموا حدود الله ، مع مطلقاتهن ، اللاتي أمسكوا بهن فى بيوتهم ، وألا يسلطوا عليهن من الكيد والضر ما يحملهن على ترك ما لهن من حقوق على أزواجهن ..
وقوله تعالى : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) ـ هو أمر للأزواج بأن يقوموا بأداء النفقة المناسبة لمطلقاتهم ، إذا هن قمن بإرضاع ما ولدن لهم من أولاد ..