من استعاذ فليستعذ بمضلّات الفتن .. فالله سبحانه وتعالى يقول : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ).
قوله تعالى :
(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
قوله تعالى :
[(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .. ما تأويله؟]
هو رحمة من رحمة الله بعباده ، وهم فى متلاطم هذه الفتن الّتى تطلع عليهم من أنفسهم ، ومن أهليهم وأقرب الناس إليهم ، إنها حرب مشبوبة الأوار دائما ، لا يستطيع الإنسان أن يدفعها عن نفسه ، أو أن يدفع هو نفسه عنها ، إلا إذا اعتصم بمعتصم يعصمه منها .. إذ كيف له بالتخلص من ذاته ، ومن نزعات نفسه ، ودفعات أهوائه؟ ونفرض أنه استطاع ذلك بعد مشقة وعناء ، فكيف له بأن ينخلع عن زوجه وولده؟ إن ذلك لا يكون إلا بالانخلاع عن الحياة الدنيا جملة!!
والإسلام دين واقع ، ودين رحمة وعدل وإحسان .. لا يرى للناس إلا أنهم بشر تتحكم فيه نوازع ، وعواطف ، وتعرض لهم عوارض الضعف .. ويلحقهم ما يلحق الكائن الحىّ من جهد وضعف .. ولهذا قامت هذه الشريعة على اليسر ، وعلى رفع الحرج ، كما يقول سبحانه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٧٨ : الحج) .. ويقول الرسول الكريم : «إن هذا الدين يسر فأوغل فيه برفق ، وإنه لن يشادّ الدين أحد إلا غلبة» .. ويقول الرسول الكريم أيضا .. «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
فقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) .. هو الميزان الذي يقيم عليه المؤمن أمر دينه كله .. وأن يتقى هذه الفتن الّتى تهب عليه من كل جهة ـ أن يتقيها