(٤ : الرعد) .. (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ) (٢٧ ، ٢٨ : فاطر) فهذا الاختلاف والتنوع بين المخلوقات ، هو من دلائل قدرة الله ، وإنه ليس لمخلوق أن يعترض على الخلق الذي أقامه الله سبحانه وتعالى فيه : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) : (٢٣ : الأنبياء)
فهذا البدء الذي بدئت به سورة «التغابن» هو إلفات للمؤمنين الذين رأوا فى صور المنافقين ما يكره وبذمّ .. إلفات لهم إلى فضل الله عليهم ، وأنه سبحانه .. خلقهم للإيمان ، وهداهم إليه ، ولو شاء سبحانه لجعلهم فى هؤلاء المنافقين ، وألبسهم ثوب النفاق وهم فى عالم الخلق والتكوين.
وإنه لمطلوب من المؤمنين إزاء هذا الإحسان ، أن يستجيبوا لما دعاهم الله سبحانه وتعالى إليه ، من الإنفاق مما رزقهم الله ، بعد أن يتخففوا من سلطان الأثرة والشح الذي يمسك الأيدى عن الإنفاق ، وهو الحب الشديد للمال والولد ذلك الحب الذي يلهى عن ذكر الله ، ويشغل عن طاعته.
وإنه لمطلوب منهم كذلك أن يسبّحوا بحمد الله ، وأن ينتظموا فى موكب الوجود كله فى هذه الصلوات الخاشعة الضارعة لله سبحانه ، وفى هذا الولاء لجلاله وعظمته.
* * *