يقبلون على العلم ، وعلى مدارسة الكتب السماوية وما يتصل بها ..
وفى قوله تعالى : (رَسُولاً مِنْهُمْ) ـ إشارة إلى أن هذا الرسول الذي بعثه الله سبحانه وتعالى إلى العرب ، كان واحدا منهم ، أي من هؤلاء الأميين ، وليس من أهل الكتاب .. وهذا يعنى أن هؤلاء الأميين هم أهل لأن تختار منهم رسل الله ، كما هم أهل لأن يتلقوا رسالات الله ، وتنزل إليهم كتب الله ..
وقوله تعالى : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ـ) هو صفة للرسول صلوات الله وسلامه عليه ، تبيّن محامل رسالته إلى العرب ، ومنهج دعوته لهم .. فهو يتلو عليهم آيات الله ، أي يسمعهم إياها ، ويلقيها على أسماعهم مشافهة منه .. إنه هو الذي يتولى تبليغ رسالة ربه بنفسه ، لا بوساطة كتب ، أو رسل .. فما دام هو بين قومه ، فهو الذي يلقى الناس برسالة ربه ، وينقلها إليهم كما تلقاها وحيا من السماء ، وهو بهذه التلاوة لآيات الله ، إنما يريد أن يزكّى قومه ، أي يطهرهم من الشرك ، ومن ضلالات الجاهلية وأرجاسها.
وهو ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ (يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أي أي يبين لهم ما فى كتاب الله من شرائع وأحكام ، كما يقول الله سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ويعلمهم كذلك «الحكمة» وهى السنّة التي يبين بها الرسول ما فى كتاب الله .. وسميت السّنة حكمة ، لأنها مستفادة من كتاب الله ، ومن النظر الملهم فى آياته وكلماته .. فليس كل ناظر فى كتاب الله قادرا على أن يتلقى الحكمة عنه .. وإنما رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هو الذي أخذ الحكمة كلّها من كتاب الله ، بما أراه الله ..
وفى هذا دعوة للعرب وللمؤمنين بهذا الدين ، أن يتعلموا للكتاب والحكمة ، وذلك بمدراسة كتاب الله ، إذ كان هو الكتاب الجامع لكل ما فى الكتب ، من سماوية وغير سماوية ، فمن جعل همّه له ، ووجه عقله وقلبه إليه ، أصاب العلم