وتعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (٤٨ : المائدة).
والإنجيل الذي يتحدث عنه القرآن ، هو كتاب واحد ، ولكنّ الذي فى أيدى الناس اليوم ليس إنجيلا واحدا ، وإنما هو أربعة أناجيل ، وقد كان فى وقت ما خمسة وسبعين إنجيلا ، وقد وقع خلاف فيما بينها .. لأنها لا تعتمد على أصل واحد ، ولا ترجع إلى الإنجيل الذي أنزل على المسيح عليهالسلام ، وإنما هى مرويات تتحدث عن السيد المسيح ، وعن سيرته وأخباره ، فيما يرويه عنه بعض حوارييه ، أو من اتصل بحوارييه ، وسمع منهم ، وتتلمذ عليهم ، وفى هذه السيرة عبارات من عظات السيد المسيح ووصاياه ، وقد يكون فيها بعض آيات من الإنجيل السماوي ، كان السيد المسيح يضمّنها عظاته ووصاياه ..
وإذن فالأناجيل التي ذكرت سيرة السيد المسيح ، تختلف فى تشخيص شخصية السيد المسيح ، وفى تناول مواقفه ، وفى نقل عباراته وكلماته ، باختلاف الكتّاب الذين كتبوا هذه السيرة ، ونفضوا عليها من عواطفهم ومشاعرهم ، ومن ألوان ثقافاتهم ما جعل الأناجيل تختلف هذا الاختلاف ، كما يختلف إنسان عن إنسان ، فى تفكيره ، وفى تصوره للأحداث.
وليس من همّنا هنا دراسة الأناجيل دراسة تاريخية ، محققة ، للإنجيل السماوي ، أو الأناجيل التي جاءت محدّثة عنه ..
وإنما الذي نقف عنده منها ، هو أن القرآن الكريم قد ذكر آية صريحة تذكر على لسان السيد المسيح ، تلك البشرى التي أعلنها فى بنى إسرائيل ، مبشرا برسول يأتى من بعده اسمه «أحمد» .. ثم نبحث فى