السيد المسيح إليهم ، إلا أنه عليهالسلام ، رفض هذا النسب المدّعى له ، محتفظا بنسبه السماوي ، الذي كرمه الله به ، متحدّيا بهت اليهود ، ضاريا فى وجوههم بهذا الافتراء الذي افتروه عليه ، وعلى أمه البتول .. لأنه لا يقول غير الحق ، ولا يقبل إلا ما هو حق!
وفى قوله : «إنى رسول الله إليكم» ـ إشارة إلى أنه رسول الله إليهم خاصة ، كما كان موسى ـ عليهالسلام ـ رسولا من عند الله إليهم ..
وقوله : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) .. أي مؤمنا بالتوراة التي بين يدىّ ، والتي هى كتابكم الذي تؤمنون به .. فأنا لم أجئكم بما تنكرونه علىّ ، بل جئتكم مجددا هذه الرسالة التي جاءكم بها موسى ، لأفيمكم على تعاليمها .. فلم تنكرون ما أدعوكم إليه!
وفى هذا يقول السيد المسيح فى الإنجيل : «ما جئت لأنقض الناموس ، وإنما جئت لأكّمل» أي لأقيم ما هدمتم من تلك الشريعة ، وما نقضتم من ناموسها ..
وقوله : «ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه أحمد» ـ هو إشارة إلى نبىّ يأتى من بعده اسمه أحمد ، وهو رسول الله «محمد» صلىاللهعليهوسلم ..
وقد صدقت كلمة المسيح ـ عليهالسلام ـ فما جاء بعده رسول ـ ولو على سبيل الادّعاء ـ حتى كانت رسالة محمد صلوات الله وسلامه عليه ..
قوله تعالى :
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي فلما جاءهم المسيح بالمعجزات التي وضعها الله سبحانه بين يديه ، بهتوه ، وكذبوه ، واتهموه بالسحر والشعوذة ، وتعقبوه بالأذى ، وأخذوه بالبأساء والضراء ، ولم يمسكوا عن مساءته حتى ساقوه إلى ساحة الاتهام ، وحكموا عليه بالموت صلبا : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (١٥٧ : النساء).