لأخيه هرون : (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي؟) (٩٣ : طه) وعصيان النهى ؛ إتيان المنهىّ عنه .. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) .. وعصيان آدم ، هو أكله من الشجرة التي نهاه الله تعالى عن الأكل منها فى قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) (١٩ : الأعراف)
وفى قوله تعالى : (فِي مَعْرُوفٍ) وفى تقييد عدم العصيان بما هو معروف ـ إشارة إلى أن العصيان لا يكون عصيانا إلا فيما عرف لهنّ من أمر أو نهى ، وهذا يعنى أن غير المعروف لهن من أحكام الشريعة ، من أوامر ونواه ، هو معفوّ عنه ، وهذا يعنى أن على الرسول أن يبلغ رسالة ربه كاملة إليهن.
وقوله تعالى : (فَبايِعْهُنَّ) أي اقبل إيمانهن ، واعتبرهن فى جماعة المؤمنين ، لهن ما للمؤمنين ، وعليهن ما عليهم ..
وقوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ .. إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي ادع الله لهن بالمغفرة لما سلف منهن من ذنوب قبل الإسلام .. من شرك ، أو سرقة ، أو زنى ، أو إتيان ببهتان افترينه بين أيديهن وأرجلهن .. (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي واسع الرحمة والمغفرة ، فيغفر لهن ذنوبهن جميعا التي كانت منهن قبل الإسلام ، مهما عظمت أو كثرت .. وبهذه المغفرة العامة الشاملة يدخلن الإسلام طاهرات من كل ذنب ، مبرات من كل إثم ، وبهذا العفو العام يبدأن صفحة جديدة نقية ، مع الحياة الجديدة التي ولدن بها فى الإسلام .. وهذا من شأنه أن يقوّى من عزائمهن على الاحتفاظ بنقاء هذه الصفحة وصفائها.
قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ)