من هؤلاء المشركين لم يقع اليأس بعد من دخولهم فى الإسلام ، وأن كثيرا منهم سيدخل فى دين الله ، ويجاهد مع المجاهدين فى سبيل الله .. ويومئذ يلتقى الأهل جميعا على الأخوة فى الله ، كما التقوا من قبل على الأخوة فى القرابة والنسب ..
وقوله تعالى : «عسى» الذي يدل على الرجاء ، هو منظور فيه إلى المؤمنين ، وما ينبغى أن يساق إلى قلوبهم من مشاعر الرجاء والأمل ، حيث يقيمهم هذا الشعور من أهلهم المشركين ، فى مقام بين اليأس والرجاء ، فى أن تجمعهم يوما جامعة تؤلف بينهم .. وبهذا الشعور يقتصد المبالغون فى العداوة لأهليهم ، كما يقتصد المتراخون فى قطع حبال الود معهم.
وقوله تعالى : (وَاللهُ قَدِيرٌ) ـ إشارة إلى ما لله سبحانه وتعالى من قدرة على أن يفتح قلوب هؤلاء المشركين للإيمان ، وأنه سبحانه قادر على أن يجعل من العداوة القائمة بين المؤمنين وهؤلاء المشركين ، رحمة ومودة ..
وقوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ـ إشارة إلى ما عند الله سبحانه من مغفرة ورحمة لمن جاوز الحدّ فى العداوة ، أو غلبته حال من الولاء لأهله ، فإن أبواب المغفرة والرحمة مفتحة لكل من يتجه إلى الله طالبا مغفرته ورحمته .. كما أن مغفرة الله ورحمته تنال هؤلاء المشركين ، إذا هم دخلوا فى دين الله ، وعندئذ يغفر لهم ما كان منهم من أذى وضرّ للنبى والمؤمنين ، ويلحقهم بركب المؤمنين الذين سبقوهم إلى الإيمان ..
قوله تعالى :
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
القسط : العدل ، والقسطاس : الميزان الذي يوزن به ..