والفاسقون : هم الخارجون عن طريق الحق ، الذي قام عليه الوجود كله ، وهم الخارجون على فطرتهم التي فطر الله الناس عليها ..
قوله تعالى :
(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ)
فمن اتقى الله ونظر إلى ما قدم لغد ، وحاسب نفسه على ما يعمل ، حسابا قائما على تقوى الله وخشيته ، فقد أعد نفسه ليكون من أصحاب الجنة ، وذلك هو الفوز العظيم .. (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) (١٨٥ : آل عمران) وشتان بين من يعذب فى النار ، ومن ينعم بنعيم الجنة ..
[القرآن .. وما يتجلى على الوجود]
قوله تعالى :
(لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
مناسبة هذه الآية لما قبلها ، هى أن الآيات السابقة دعت إلى تقوى الله ، وذلك إنما يكون بذكر الله ، واستحضار جلاله وعظمته ، وحذرت من نسيان الله ، والغفلة عن ذكره ، فذلك النسيان يخلى قلب الإنسان من كل أثر لتقوى ـ الله ـ فجاءت هذه الآية لتقدم بين يدى تلك الدعوة إلى ذكر الله ، وإلى تقواه خير ـ هاد يهدى إلى الله ، وخير مذكّر يذكّر به ، وهو القرآن الكريم ، الذي يقول الله سبحانه وتعالى عنه : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ .. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٧ : القمر) ويقول فيه سبحانه أيضا : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٨٢ : الإسراء) ويصفه سبحانه بأنه ذو الذكر فى قوله : (ص. وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) ..
فهذا القرآن لو أنزل على جبل ، لخشع وتصدع من خشية الله .. ولكن