التفسير :
قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) ..
تجىء هذه الآية بعد ما عرضت الآيات السابقة موقف جماعات المنافقين واليهود ، من النبي والمسلمين ، وكيف ينتهى بهم هذا الموقف إلى خسران الدنيا والآخرة جميعا ـ فتحمل الآية إلى المؤمنين دعوة مجددة إلى تقوى الله ، وإلى إخلاص العبودية له وحده ، وإلى أن يخلى المؤمن نفسه من كل واردة من واردات النفاق ، الذي إن تمكن من صاحبه قتله شر قتله ، وصار به إلى أسوأ مصير .. وذلك يكون بأن ينظر المؤمن فى أعماله ، وما يقدمه لغده من خير يجده عند الله ، وألا يكون حاضره ، وعاجل أمره ، هو الذي يحكم أعماله ، ويوجه تصرفاته ، كما هو الشأن عند المنافقين والضالين ، والكافرين.
وتقوى الله ، هى خوفه ، واتقاء محارمه ..
وفى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) دعوة عامة إلى تقوى الله ومخافته ، وملء النفس خشية من بأسه ، ونقمته ..
ومن تقوى الله ، محاسبة المرء نفسه ، ومراجعتها ، فى نوازعها ورغباتها .. وأن هذه المحاسبة ، وتلك المراجعة ، لا تعطيان ثمرا طيبا إلا إذا وقف المرء من نفسه موقفا حذرا ، حازما ، حتى يقهر هواها ، ولا تغلبه على أمره ، وذلك لا يكون إلا باستحضار تقوى الله ، والخوف من عقابه .. ولهذا جاء قوله تعالى بعد ذلك «واتقوا الله» تلك التقوى التي تشهد محاسبة المرء نفسه ومراجعتها بين يدى جلال الله ، وعظمة الله وسلطان الله ، حتى لا يميل مع نفسه ، ولا يغلبه هواها على تقوى الله.