وكما كان جزاء كعب بن الأشرف ـ رأس الفتنة ـ القتل ، كان جزاء قومه النفي من الأرض ..
والذي تولّى قتل كعب بن الأشرف ، بأمر من رسول الله ، هو محمد بن مسلمة الأنصاري ..
وقوله تعالى : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) إشارة إلى أن هذا أول إخراج لليهود من ديارهم ، وأنه سيكون بعده إخراج لجماعات أخرى منهم .. وقد حدث هذا فعلا ، فأخرج بنو قريظة بعد غزوة الأحزاب ، وقتل كل من بلغ الحلم منهم ، وسبى النساء ، والأطفال والشيوخ ، ثم أخرج اليهود جميعا من الجزيرة العربية فى عهد عمر بن الخطاب ، حيث أجلى البقية الباقية منهم ، والتي كانت تعيش فى خيبر ..
وسمّى هذا الإجلاء حشرا ، لأنه أشبه بالحشر الموعود يوم القيامة ، حيث وقع عن قهر ، ولم يقع عن رغبة منهم .. ثم إنه كان إجلاء عامّا ، لم يدع أحدا منهم ، كما لم يدع حشر القيامة أحدا ممن فى القبور .. ثم إنه من جهة ثالثة كان جماعيّا فوريّا ، وليس جماعة جماعة ، وزمنا بعد زمن ..
فالحشر : يشير إلى القوة الضاغطة الحاشرة ، التي تسوق المحشورين سوقا عنيفا ، وتجمع أشتاتهم فى دائرة واحدة ، وتقيمهم على وجه واحد .. فهو والحشد بمعنى ، ومنه قوله تعالى : (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) (٥٣ : الشعراء)
وقوله تعالى : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) .. أي فطلع عليهم قدر الله فيهم من حيث لم يقدّروا ، فقد كانوا يحسبون أنهم من حصونهم فى أمن من كل يد تنالهم ، وخاصة يد النبي والمسلمين الذين كانوا يرون أنهم لن ينالوا